أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
سورۃ البقرة, آيۃ 184
أحمد طالب في الصف العاشر، يُساعد المعلّمين في كلّ ما يطلبونه منه. ينظّف الصف ويمسح اللوح، يُحضر أقلام التوش وغيرها. كما أنه يُساعد أبناء صفّه في دروسهم وفي أشياء أخرى. إنّه من الأولاد الذين لا يعرفون قول “لا” أبدًا. لكنه مرّة تلوَ الأخرى يُفاجأ بمربّي الصف يمدح طالبًا على ما يقوم به دون أن يحظى هو بأيّ ثناء أو مديح على كل ما يقوم به. شعر أحمد بالضيق وربما بالإهانة أيضًا فتوجّه إلى المستشار وحكى له كلّ شيء. وأضاف قائلاً بأنه قد قرّر أن لا يصنع معروفا مع أحد ولن يقدم خدمة لأحد بعد اليوم ، وإنه لن يهتمّ إلاّ بنفسه. كان المستشار يُصغي لأقوال أحمد، وقد لاحظ أنّه يعتصر ألمًا. وبعد أن أنهى حديثه، اقترح عليه أن يتوجّه إلى المعلّم ويطلعه على ما يشعر به. إلاّ أن أحمد رفض ذلك، قائلاً إنه يتوقع من المعلّم أن يفهم ذلك بنفسه. عندها قرأ المستشار على مسامعه الآية 184 من سورة البقرة: ” … فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ …”. وأضاف قائلاً إنه مقتنع تمامًا بأن المعلّم سينتبه إليه في الأخير، وسيمدحه لأنه فعلا أهل لهذا المديح.
يصعب على المعلّم في صف كثير الطلاب الانتباه لجميعهم، حتى إذا حاول ذلك مِرارًا وتَكرارًا. وفي كثير من الأحيان يمسّ ذلك هذا الطالب أو ذاك. هذه هي الحال، أيضًا، في العائلة كثيرة الأولاد. حيث يصعُب على الوالديْن الانتباه لجميع الأولاد طوال الوقت، وفي كثير من الأحيان يجرح ذلك شعور أحدهم. لذا فإن اقتراح المستشار لأحمد أن يتوجّه إلى المعلّم ويحكي له عمّا يشعر به من ألم، اقتراح جيّد. فأحيانًا إن لم نحكِ للآخر ولم نَلفت نظره فلن ينتبه ولن يعرف ما نُريده منه. ولكن من المحتمل، أيضًا، أن أحمد كان مُحقًّا بشعوره، ومن المُمكن أن يعتبر المعلّم أقوال أحمد اتهامًا له بالتمييز وعدم الإنصاف. من الصعب أن نعرف ما هي الحقيقة. نحن لا نعرف أحمد جيّدًا كما لا نعرف المعلّم. والمستشار اختار الطريق الصحيح. بحث مع أحمد عمّا يُناسبه، ووجد أن آية من القرآن ستُكسب أحمد، بالطبع، قوّة ليستمرّ في كرم أخلاقه وينتظر بصبْر حتى يعترف المعلّم وبقية طلاب الصف بأعماله، في نهاية المطاف.