أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
سورۃ البقرة, آيۃ 184
تُوفّيت أم نورا، الطالبة في الصف الحادي عشر، قبل نحوِ سنتيْن. تزوّج أبوها ثانية. ونورا، بدورها، تبذل كلّ جهدٍ لمساعدة زوجة أبيها في أعمال البيت وفي رعاية الأولاد- إخوتها. لكنّ زوجة أبيها تعاملها بغلظة، ولا تقول لها حتى كلمة طيّبة على كلّ ما تُقدّمه لها من مساعدة. لا، بل إنها في الحقيقة، تحتجّ دومًا أمامها على أنها لا تقوم بالمَهامّ البيتية كما يجب. فما كان من نورا إلاّ أن توجّهت يائسة إلى مستشارة المدرسة وحكَت لها كلّ شيء. أخرجت المستشارة القرآن الكريم، تصفّحته حتى وصلت إلى الآية 184 من سورة البقرة، وقرأت أمام نورا: “فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ“. وذكّرت نورا بأنّ الجزاء يناله الإنسانُ من الله تعالى لا من الناس، واقترحت عليها أن تتحلّى بالصبر مستشهدة أيضًا بقول الشاعر:
“أعلّلُ النفسَ بالآمالِ أرقبُها ما أضيقَ العيشَ لولا فُسحةُ الأملِ”
لم يكن سهلاً على المستشارة أن تسمع ضائقة نورا. وفكّرت كيف من المُمكن لها أن تساعدها، ولم تجد جوابًا في البداية. كان في إمكانها أن تدعو أهل نورا، لكنها لم تكن حتى متأكدة من أنهم سيأتون. كانت المستشارة تعرف نورا من المدرسة، وكانت تعرف طيب قلبها، كما كانت تعلم بمساعدتها لرفاقها في الصف، وكانت مقتنعة بأنها صادقة فيما تقول. فكيف ستُشجّعها؟ إنها لا تستطيع أن تغيّر واقعَ حياتها. فلم يتبقَّ لها إلاّ أن تقترح عليها التحلّي بالصبر، أملاً بمُستقبل أفضل. فلربما ستعترف زوجة الأب، شيئًا فشيئًا، بطيبة قلبها، أو لربّما ستتزوّج عمّا قريب وتحظى بحياة أفضل. الآية القرآنية الكريمة هي التي أعانت المستشارة على أن تساعد نورا على أن تمنحها الأمل بمُستقبل أفضل. وكلّنا يعلم أهمية الأمل في حياة الإنسان.