من الكتاب

مقتطفات من “القرآن الكريم لتربية الطفل”

مقتطف من الفصل 6 - عن الرّياء والعجرفة وغيرهما من المش

ماذا نقول لمَن يمشي وراء المظاهر الكذّابة؟

وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ

سورۃ البقرة, آيۃ 204-205

في يوم من الأيام دخلت المستشارة إلى غرفة مدير المدرسة وطلبت منه أن يتكرّم ويُخصّص لها نحو ربع ساعة من وقته، لأنها تريد أن تتحدّث معه في موضوع هام. أجابها المدير: “نعم، بالتأكيد، تفضّلي ادخلي، هاتِ ما عندك”. قالت له المستشارة إنها لم تأتِ لتتحدّث عن مشاكل تتعلق بالمدرسة بشكل عام، ” بل أتيتُ للتكلّم معكَ عن أمر يتعلق بك بشكل خاصّ”. أجابها المدير متفاجئًا: “يتعلق بي؟!”. “لا تخَف، أريد أن أتحدّث معك عن معلمة الكيمياء. أرى أن انطباعك عنها جيد، ولكن ما أريدك أن تعرفه أنّه توجّه إليّ كثير من المعلمين ومن الطلاب واشتكوا منها شخصيا ومن طريقتها في التدريس. قالوا لي إنها مُتعجرفة، لا تقوم بواجبها ولكنها تحرص على أن تترك انطباعًا جيّدًا على المدير وكأنها مخلصة وتؤدي عملها كما يجب. فهي كلما رأت المدير تبدأ بالعمل وبالأمر والنهي في المدرسة، وفي غياب المدير تجدها جالسة كلّ اليوم في غرفة المعلّمين تحتسي القهوة”. ثم أضافت المستشارة: “أقول لك ذلك لأنني أريد أن أحذّرك من أشخاص يُراؤون أكثر من اللازم، لتعرف مَن مِن المعلّمين يعمل بالفعل ومَن منهم يتظاهرون بالعمل مراءاة ونفاقا. وفي نهاية حديثها قرأت المستشارة أمام المدير الآيتيْن 204 وَ205 من سورة البقرة واللتين يقول فيهما عز وجل: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ”.

كلّ واحد منّا يلتقي أشخاصًا شديدي الأثر ومن المُمكن أن يُخدَع بأقوالهم. يصعُب على الإنسان في هذه اللحظات أن ينتبه ويُحافظ على نفسه. مثلاً، كلّنا نستمتع عندما نسمع كلمات الإطراء، لكن هذه الكلمات من المُمكن أن تكون مجرد رياءً، لا غير. يستطيع شخص، أحيانًا، أن يسحرنا بمظهره، بقوّته أو بقدرته على الكلام. قد يكون هذا هو الوضع بالنسبة إلى مدرّسة الكيمياء والمدير. هي تعرف ما الذي يُريد رؤيته، فتفعل ذلك رياءً، في حين أنها - من وراء ظهره - تقوم بأعمال أخرى تمامًا. في هذه الحالة ذكرت المُستشارة للمدير أن القرآن الكريم، أيضًا، يُحذّرنا من هؤلاء الأشخاص، حيث إن الله يُبغِض أعمالهم. هكذا يُعلّم القرآنُ الإنسانَ الاعتماد على نفسه وألاّ يغترّ بالمظاهر الكذّابة.

Skip to content