القرآن الكريم هو أعظم الكلام والهدى في نظر المسلمين، لأنهم يعتقدون أنه كلام الله المعجز الذي نزل على خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يعيشون مع هذا الكلام في غالب أحوالهم قراءة واستماعاًَ وتعظيماً وتقديساً في الصلاة وخارجها، ويكثرون من تلاوته والحديث عنه في المناسبات الخاصة ومواسم العبادات، وله تأثير عظيم في صقل شخصية المسلم من حيث الاعتقادات والعبادات والسلوكيات والأخلاقيات، ويظل المسلم قريبًا من الله ومن دينه ونبيه وجنته كلما كان قريبًا من القرآٍن – كلام الله- الكتاب- دستور الأخلاق.
قالت عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ” كان خلقه القرآن”. من أجل هذا كان القرآن هو الملجأ في الحكم والقضاء والصلح والوعظ والإرشاد، وحتى في العلاج الروحي والجسدي النفس؛ فكان من الحكمة أن يتنبه العلماء والمربون والمتخصصون في أي مجال يتصل بسلوكيات الفرد والمجتمع الإسلامي لخصوصية هذا الكتاب وقوة تأثيره الإيجابية في معالجة المشكلات التربوية والاجتماعية في حياة المسلم وقوة الشفاء من السلوكيات السلبية مثل العنف، التمرد، الحسد، الكراهية، العداوة، عادات الجاهلية، انتهاك المحرمات، الخمر، المخدرات، الفواحش، الزنا، اللواط، السرقة، الكذب وغيرها مما يحتاج إلى بذل الجهود المكثفة من أطراف مختلفة في قيادة المجتمع ممن يهدفون إلى إصلاح الأمور. وما أصدق الذكر الحكيم في هذا السياق: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا* وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَ*ا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}.( سورة الشمس: 6-10).
ومن الطبيعي أن تستفيد من أهل المعرفة المتخصصين في مثل هذه العلوم الإنسانية والاجتماعية بما لا يتناقض مع أسس ديننا الحنيف الذي يعتمد على القران والسنة والثقافة الإسلامية، وليس من الحكمة أن نتجاهل أعظم المصادر في حياة المسلم.
ولهذا سنرى في هذا البحث محاولة للربط بين القرآٍن الكريم كأساسًا عقائديًا وأخلاقيًا في حياتنا وبين العلوم الحديثة والأبحاث المتخصصة في علاج مثل هذه المشكلات، وذلك عن طريق عرض قصصي للموضوع يتركز في إبراز مشكلة أو معضلة معينة نموذجًا لما يكون في مجتمعاتنا من أحداث تحتاج إلى علاج ومتابعة وتصحيح، ثم عرض الحل والنصيحة من خلال الآية القرآنية أو النص القرآني المناسب للموضوع ليكون اقتراحًا ونبراسًا. ويمكن البحث عن آيات أخرى تعالج نفس الموقف – وهي كثيرة- بحيث يتوقع تأثيرها في نفس الإنسان المقصود، لأنه يقدس هذا الكلام ويحترمه ويسعى للعمل به لينال رضا الله ورسوله، وليكون من المسلمين الصالحين.
لقد قام بهذا العمل الرائع كمشروع مبارك يُلاحَظ فيه التعاون بين السيد د. عوفر غروسبارد من حيفا المحاضر في كلية القدس وبين طلابه وطالباته. ويذكر أن هؤلاء الطلبة هم بمعظمهم من العرب المسلمين في كلية القدس الذين يدرسون للقب الثاني في الاستشارة التربوية.
ثم يتبع ذلك عرض موضوعي مناسب لنفس المشكلة أو المعضلة للتعامل بشكل ناجح مع هذا الموضوع الذي بات يشغل الجميع ممن يحرص على الإصلاح التربوي الموضوعي، وخاصة في جيل المراهقة.
لقد قام بهذا العمل الرائع كمشروع مبارك يُلاحَظ فيه التعاون بين السيد د. عوفر غروسبارد من حيفا المحاضر في كلية القدس وبين طلابه وطالباته. ويذكر أن هؤلاء الطلبة هم بمعظمهم من العرب المسلمين في كلية القدس الذين يدرسون للقب الثاني في الاستشارة التربوية. وقد لفت انتباههم أهمية ربط موضوع علم النفس بالقرآن الكريم لإتمام الفائدة المرجوة عند الطلاب والأهل، بحيث يمكن الجميع الرجوع إلى الموقع المناسب للاستفادة منه، وهي محاولة مباركه تستحق التقدير والتشجيع. ويمكن الإضافة إليها في المستقبل أيضا ما يؤيد النصوص القرآنية من (الحديث) أقوال ومواقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كانت سنته هي التطبيق العملي للقران الكريم {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. ( سورة الجمعة:2) .
وإنني أؤكد أن هذا العمل المبارك محاولة فريدة وجديدة من نوعها في البلاد بين محاضر وطلابه- تستحق الشكر والتقدير والمتابعة – وتدعو إلى التفكير والإبداع في هذا المجال وغيره مما يمكن الباحث الاستفادة من العلوم المختلفة المتخصصة والأبحاث الحديثة وربطها بالقران الكريم والحضارة الإسلامية لفائدة ومصلحة الإنسان والإنسانية.
يقول تعالى:{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}.(سورة الإسراء: 9). ويقول صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القران وعلمه) حديث شريف.
باحترام
أ. الشيخ محمود عمري
محاضر في أكاديمية القاسمي
مرشد قطري في وزارة المعارف
لموضوع الدين الإسلامي